قانون النفط المقترح .. والبدائل الاستثمارية المتصارع عليها ؟
كان العراق في أعقاب الحرب العالمية الأولى تحت الانتداب البريطاني. وفي عام 1925 قام الملك فيصل بتوقيع "عقد امتياز Concession Contract" مع شركة نفط العراق(IPC) المكونة في بدايتها الأولى من بريطانيا وفرنسا والتحقت بها شركات النفط الأمريكية فيما بعد. كان العقد عبارة عن نموذج لما هو مطبق بشكل واسع في المستعمرات البريطانية التابعة آنذاك. أعقب ذلك عقدي امتياز عام 1930 منحت الشركات الأجنبية بموجبها جميعا، الملكية والسيطرة على النفط في عموم الدولة ولمدة 75 سنة. وأعطيت الحكومة العراقية تأثيرا محدودا على القرارات المتعلقة بالتطوير والسيطرة والضريبة. وقد طلب العراق من الشركات إعطاءه حصة في الامتياز(20%)،إلا أن الطلب رفض وأعطيت تلك الحصة لشركات النفط الأمريكية. وتعتبر الامتيازات التي كانت مطبقة في العراق(1961-1971) ولغاية التأميم من أكثر النماذج تطرفا وتعسفا أهمها ملكية النفط داخل الأرض للشركات الأجنبية وتعويض الدولة عن ذلك بشكل "ريع وضرائب". خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، تعاظم الشعور بالإجحاف حول الكيفية التي يتم بها قسمة العوائد بين الحكومة والشركات،وسيطرة الشركات على قرارات ومراحل تطوير النفط العراقي،وتقييد الإنتاج وزيادته من مناطق أخرى في العالم،ومزاولة الشركات احتكارها في تثبيت الأسعار وبالتالي تحديد الدخل العراقي مما أدى في نهاية المطاف إلى تأميم الصناعة النفطية في العراق على مرحلتين في 1961و 1972. وقد أنتشر الشعور بالغبن والرفض في الدول النفطية المنتجة الأخرى (ومنها بعض دول الخليج) مما أدى إلى تأميم العديد من الصناعات النفطية حول العالم. فمنذ سلسلة التأميم الذي حدثت في صناعة النفط الرئيسة في الشرق الأوسط(1970)،أصبحت الاحتياطيات النفطية للمنطقة خارج سيطرة الشركات النفطية الغربية مما دفعها إلى مليء الفراغ من حقول بحر الشمال والآلاسكا في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وبفتحها حدود جديدة كمنطقة حوض البحر الأسود و خارج اليابسة في غرب أفريقيا. ونظرا لانخفاض الإنتاج في كل من بحر الشمال والآلاسكا وارتفاع التكاليف الإنتاجية للنفط في تلك المناطق،حولت الولايات المتحدة وبريطانيا اهتمامها مرة أخرى نحو نفط منطقة الشرق الأوسط:
ففي عام 1993 أنشأ "المركز الدولي للضريبة والاستثمارInternational Tax&Investment Center " الذي يضم في عضويته 110 شركة نفطية منها:شل، النفط الانكليزية،كونوكوفيلبس،أكسون موبيل،شيفرون تكساكو.. بدأت تلك الشركات بالتركيز على العراق كخطوة أولى في خطة تهدف لانفتاح عملياتها في الشرق الأوسط.
في عام 2004 أصدر المركز المذكور تقريره " النفط ومستقبل العراق" متضمنا التوصيات التالية:
· إن عقود مشاركة الإنتاجProduction Sharing Agreements(PSA) تعتبر النموذج القانوني والمالي المناسب لتسهيل عملية تطوير وتنمية الصناعة النفطية في المدى البعيد. إن نماذج العقود النفطية الأخرى تعتبر متدنية بالقياس إلى عقود مشاركة الإنتاج
· إن الاستثمار الأجنبي المباشر من قبل(ITIC)،او من قبل أي من الشركات النفطية العملاقة يعتبر خطوة أولية مهمة في طريق تفعيل الاقتصاد العراقي نظرا لحاجة الحكومة العراقية للأموال التي قد تخصص للنفط لاستثمارها في برامج تنمية قطاعات أخرى.
وفي عام 2002،عقد اجتماع في تكساس بين الرئيس بوش وبلير بهدف التنسيق بشأن نفط الخليج، فاتفق: على ضرورة العمل على زيادة الطاقة الحالية في الخليج من 23مليون برميل/يوميا إلى 52 مليون برميل /يوميا،نظرا لما ستؤول إليه الحاجة في عام 2030 . ولتحقيق ذلك أوعز كلا الرئيسين إلى مجموعة عمل تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، بدراسة حجم الأموال والاستثمارات المطلوبة في منطقة الخليج وبشكل خاص "العراق". قدرت مجموعة العمل،بأن العراق يحتاج كحد أدنى إلى استثمار 4مليارات دولار لإرجاع الإنتاج على ما كان عليه قبل 1990(3,5مليون برميل/يوميا)،وإلى 25 مليار دولار من أجل زيادة الإنتاج إلى 5مليون برميل/يوميا.وأوصت باللجوء إلى الشركات النفطية الكبرى للقيام بعملية التمويل.
في ضوء ذلك،بدأ الغرب العمل على إعادة صياغة السياسة النفطية العراقية قبل الاحتلال(2002). وفي بداية الاحتلال/قامت سلطته بتعيين مدراء فنيين من الشركات النفطية الكبرى للمساعدة في إيجاد سياسة نفطية للعراق(SHELL, EXSON MOBIL,CONOCO PHILIPS,BRITISH PETROLEUM). عملو في وزارة النفط العراقية داعين ومنسقين إلى فتح حقول النفط العراقية بموجب آلية عقود مشاركة الإنتاج.
في 13/7/2003 أنشأ بريمر مجلس الحكم ، وعين في نفس اليوم الدكتور إبراهيم بحر العلوم وزيرا للنفط (كان عضوا في مجموعة عمل النفط التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية) الذي دعى في تصريحاته الأولى إلى:الأخذ بعقود مشاركة الإنتاج وإعطاء الأولوية للشركات النفطية الأمريكية.
وعند مجيء الحكومة الانتقالية للدكتور أياد علاوي كانت خطته وضع السياسة النفطية على المحاور التالية:1) قيام الشركات النفطية العالمية بتطوير جميع الاحتياطيات الجديدة من خلال عقود مشاركة الإنتاج. 2)قيام شركة النفط الوطنية العراقية بإدارة الحقول الحالية وأن يجري خصخصة جزء منها.3)التسويق المحلي وبيع المنتجات النفطية إلى القطاع الخاص.4)قيام الشركات الخاصة بإقامة المصافي الجديدة وتوسيع القائم منها. وأضاف بأن هذه المواضيع يجب أن لا تجري مناقشتها من قبل البرلمان العراقي خوفا من إبطاء العملية. كانت النية آنذاك البدء بمفاوضة الشركات الأجنبية في النصف الثاني من عام 2005 وقبل انتخاب حكومة عراقية وبشكل متواز مع كتابة "قانون النفط والغاز" . معنى ذلك أن العقود أريد لها أن يتم التفاوض بشأنها مع الشركات الأجنبية خارج الإطار القانوني، أي بدون عرضها على الرأي العام من أجل مناقشتها وإقرارها.
في ضوء ما جاء في أعلاه ،يتبين لنا بأن هناك تنسيق محكم وإصرار بين أطراف الاحتلال والشركات النفطية الغربية التابعة على إقناع الجانب العراقي بضرورة الاستعانة بالاستثمار الأجنبي من أجل تطوير وتنمية الصناعة النفطية العراقية والأخذ "بعقود مشاركة الإنتاج" كأفضل آلية لتحقيق ذلك؟!. والسؤال لماذا؟.
تهدف الشركات النفطية الغربية من وراء استثمارها تحت مظلة عقود المشاركة إلى:1) "حجز" جزء من الاحتياطيات النفطية واستخراجها على مدى سنوات طويلة لضمان نموها المستقبلي وزيادة القيمة الدفترية للشركة وبالتالي وزنها في الأسواق المالية.2) الفرصة التي تتيحها عقود المشاركة في تحقيق أرباح عظيمة جدا.3) تحديد المخاطر السياسية وضمان استرجاع الاستثمارات الموظفة من خلال ربط الحكومات بعقود طويلة الأجل وسريان شروطها الثابتة نسبيا كضمان لاستثماراتها. والسؤال الواجب طرحه:ما هي سمات اتفاقيات مشاركة الإنتاج؟.
بموجب هذا النموذج،تقوم الشركة الأجنبية بتوفير رأس المال الاستثماري المتعلق بالحفر والبنى الإنشائية التحتية.يتم إعطاء الشركة الأجنبية الحصة المستخرجة الأولى من النفط لكي يتسنى لها من خلال بيعها استعادة تكاليف رأس المال والتشغيل. يدعى هذا الجزء من النفط"نفط التكلفة cost oil " ويحدد سنويا. وبعد استرجاع كافة التكاليف، يتم اقتسام النفط المتبقي" الربح على شكل نفطProfit oil " بين الدولة والشركة وفق نسب يتفق عليها. تؤخذ الضريبة من حصة الشركة في النفط الربحي، وقد يكون إلى جانب ذلك "ريعroyalty"يدفع عن النفط المنتج. تدفع الشركات إلى الحكومة مكافئة عن توقيعها العقد وفي بعض الأحيان عند بدء الإنتاج. تمتد عقود المشاركة بين 25-40 سنة. وفي بعض الأحيان تدخل الحكومة كشريك تجاري في عقد مشترك يجمع الاثنين،الدولة والشركة الأجنبية أو الكونسورتيوم Joint Venture.بموجب ذلك تدفع الحكومة حصتها في رأس المال المستثمر وتستلم نسبتها في نفط التكلفة والنفط الربحي.
يرى العديد من خبراء العقود النفطية ومنهم( Daniel Johnston) بعدم وجود فروق جوهرية بين "عقود الامتيازات" و"عقود مشاركة الإنتاج" سوى إظهار سيطرة الدولة . فاتفاقيات مشاركة الإنتاج تعطي الانطباع بملكية الدولة وسيطرتها على مصادرها النفطية، إلا أنها أبقت على جوهر الامتيازات النفطية من حيث العوائد النهائية الفاحشة والمتحيزة لصالح الشركات الأجنبية. إن التداعيات المالية والاقتصادية لعقود المشاركة هي نفسها في عقود الامتياز، والدولة في ظل هذه العقود تبدو المسيطرة على الصناعة النفطية بينما هي تدار من قبل الشركات الأجنبية وليس للدولة إلا السيادة الوطنية الشكلية. ويمكن إجمال المساوئ الرئيسية لعقود المشاركة بما يلي:
· تتضمن العديد من تلك الاتفاقيات فقرات قانونية تمنع سريان القوانين المستقبلية أو السياسات الضريبية المستحدثة على المشاريع المتعاقد عليها. لذا فأن القوانين الوطنية أو الإجراءات التي تصدرها الدولة بشأن مستوى العمالة، الأمن المكاني للعمل،الظروف البيئية والاجتماعية لن يكتب لها التطبيق خلال مدة الاتفاقية.
· خسارة السيطرة الديمقراطية على الصناعة النفطية لصالح الشركات النفطية الأجنبية. حيث إن بعض نصوص تلك الاتفاقيات تكاد أن تكون سيادية في طبيعتها.
· تسوية النزاعات من قبل محاكم التحكيم الدولية(جنيفICSID/غرفة تجارة باريس) وليس من قبل المحاكم الوطنية. حيث تنظر مجالس التحكيم هذه في أهداف وشروط العقد المبرم ولا تأخذ بنظر الاعتبار ظروف الدولة السياسية والوطنية. أي أنها تنظر للنزاع في الإطار الواسع للقانون العام.
· خسارة الدولة لمبالغ طائلة من العوائد لصالح الشركات النفطية الأجنبية:لتبيان ذلك قامت دراسات مقارنة(مع نموذج التأميم)،حيث أخذت شروط عقدية من دول مشابهة للعراق وجرى تطبيقها على المواصفات المادية للحقول النفطية العراقية(12 حقلا من أصل 60 حقل غير مطور)،وعلى فرض أن مدة العقد 30 سنة ، وأن معدل سعر النفط 40 دولار/للبرميل الواحد. وجد بأن عقود مشاركة الإنتاج سوف تكلف العراق بين 74-194 مليار دولار تمثل خسارة في عوائده عما لو تم تطوير نفطه من قبل الدولة. وعند تطبيق شروط عقد المشاركة على الحقول المختلفة، وجد بان أرباح الشركات النفطية الناجمة عن استثماراتها في العراق ستكون عالية جدا(معدل العائد السنوي Internal Rate of Return):بالنسبة للحقول الصغيرة سيكون العائد من 42 %- 62%، والحقول الكبيرة بين 98%- 162%. معنى ذلك أن خسائر العراق من العوائد ستكون أرباحا للشركات النفطية. علما بأن الشركات النفطية تعتبر المشروع ناجحا إذا ما كان المعدل المذكور 12%.تحاول الشركات الأجنبية إقناع الطرف ألآخر المحتاج إلى جذب رؤوس الأموال اللازمة للتطوير،إلى أن العقد يجب أن يكون متوازنا بين المصالح التجارية وبين مخاطر العقد. لذ فأن مؤيدو ومروجو عقود مشاركة الإنتاج يؤكدون عدم إمكانية العراق في استقطاب رأس المال اللازم لإعادة بناء وتطوير القطاع النفطي. إن ذلك غير صحيح ،فالعراق لديه على الأقل ثلاث بدائل في الحصول على الاستثمارات المطلوبة قبل اللجوء إلى النموذج الذي يقيد سيطرته على نفطه ويحمله خسائر بالإمكان تفاديها.
1. الاستثمار المباشر من خلال الميزانية العامة. ويشجع على ذلك انخفاض المخاطر وكلف التطوير بالمقارنة مع العوائد. لذلك فإن استرجاع الاستثمارات الموظفة سيكون سريعا. تقدر الاحتياجات الاستثمارية الأولية بحدود 3 مليارات دولار سنويا . وبعد 3 سنوات من بدء الاستثمار التطويري فأن العوائد المتحققة من الإنتاج الجديد سوف تكون أعلى من المتطلبات الاستثمارية اللازمة وبالتالي ستكون مصدرا للتمويل. إن اقتطاع هذا المبلغ من الميزانية سوف لن يؤثر تأثيرا كبيرا على القطاعات الحيوية الأخرى.
2. قيام شركة النفط الوطنية أو الحكومة العراقية بالاقتراض من البنوك بضمانة الإنتاج النفطي المستقبلي، أو من الهيئات المتعددة كالبنك الدولي أو إصدار سندات حكومية لهذا الغرض.إن عملية الاقتراض في ظل الأسعار القائمة حاليا تجعل من خدمات الدين كلفة هامشية بالنسبة لما يمكن أن يتحقق من عوائد مباشرة.
3. أن تكون العقود متوازنة ومرنة، كأن تقدم الشركات النفطية الاستثمارات المطلوبة وبدون أن يكون لها مصالح مباشرة في النفط المنتج. فالنفط يبقى مع الدولة وللدولة والشركة الأجنبية تعامل كمقاول لها. بموجب ذلك تعطى الشركة الأجنبية حق التشغيل والإدارة للشركة ولكن بصلاحيات محددة ولفترات قصيرة نسبيا،وأن لا يتاح لها تحقيق أرباح عالية جدا نظرا لأن الدفع سيكون على شكل أجور ثابتة أو معدل عائد ثابت.
ولتأكيد ما جاء في أعلاه،تشير إحصائيات وكالة الطاقة العالميةIEA،بأن 12% فقط من الاحتياطيات النفطية العالمية خضعت إلى عقود مشاركة الإنتاج وفي بلدان تتصف حقولها بالصغر(غالبا خارج اليابسة Off-shore ) وبالتكاليف المرتفعة للإنتاج وأن فرصها الاستكشافية غير مؤكدة( خلاف ما هو موجود في العراق). أما المتبقي من العقود الأخرى(67% )فقد تم تطويرها بشكل رئيس من قبل شركات النفط الوطنية. فلو أخذنا البلدان الرئيسية الخمسة ذات الاحتياطيات الكبيرة(السعودية،إيران ،العراق،الكويت،الإمارات) لوجدنا أن أي واحدة منها لم تأخذ بنموذج عقد مشاركة إنتاج. وبالتالي ليس لأي من الشركات العاملة لديها حقا في الاحتياطيات النفطية.
يجب أن يكون العراق واعيا بحيث لا يقيد نفسه بعقود ترهن احتياطياته وسياسته النفطية لسنوات طويلة، وأن يعمل جاهدا على تحرير عوائده من تكاليف التمويل من خلال اختيار المناسب من النماذج التي تحقق له ذلك (Development Production Contract/ Buy Back
Contract/Risk Service contract)
ومن أجل معرفة ماهية هذه العقود واختلافاتها، نود أن نلقي بعض الأضواء على الجوانب الرئيسية منها:
1. نموذج التطوير The Development Model
تم تطوير هذا النموذج من قبل وزارة النفط العراقية، ويعتمد في الأساس على نموذج عقد مشاركة الإنتاج. تقوم الشركة الأجنبية بتطوير وإدارة الحقل النفطي لفترة زمنية في المعدل 12 سنة بعدها يدار من قبل "شركة نفط وطنية" وعندها تقوم الشركة الأجنبية بتوفير الخدمات تحت"عقد الخدمات الفنية" وفي المعدل إلى 15 سنة إضافية. خلال هذه الفترة للشركة الوطنية الحق في شراء النفط أما بأسعار السوق السائدة أو بموجب خصم يتم الاتفاق عليه.وتؤدي هذه العقود الثلاث إلى تحديد أرباح الشركات الأجنبية وتعظيم دخل الدولة واستقلاليتها في إدارة المشروع حسب الظروف الوطنية السائدة.هناك شبه أتفاق بين الخبراء النفطيين بأن كلا النوعين(عقد التطوير والمشاركة) يعتبران من "العقود السياسية". فمن الناحية الفنية ،توضع الملكية القانونية للاحتياطيات النفطية بيد الدولة إلا أنه في الواقع يتحقق للشركات النفطية نفس النتائج التي يمكنها الحصول عليها من خلال اتفاقيات الامتيازConcession Agreements.
2.Risk Service Contract
بموجب هذا النموذج ،تقوم الشركة الأجنبية باستثمار رأس المال اللازم . وعند البدء بالإنتاج تعاد التكاليف(من مبيعات النفط) يضاف عليها بصورة عامة، رسوم ثابتة عن كل برميل من النفط المنتج.لذا فالشركة الأجنبية تزيد من أرباحها بزيادة الإنتاج. وتتحمل الشركة الأجنبية مخاطر فشل المشروع(في حالة الاستكشاف).والنموذج مستخدم في الكويت واحتمال الأخذ به في "مشروع الكويت" الذي يتضمن الحقول الشمالية.
3. Buy Back Contract
تم تطويره في التسعينات من قبل إيران. وجرى تطبيقه على عدد من الاستثمارات الحقلية النفطية. مدة هذا العقد من 5 – 7 سنوات من الإنتاج. تسبقها فترة تطوير بين 2 – 3سنوات. وبموجب هذا العقد تصبح شركة النفط الوطنية الحكومية،المشغل والمدير لذلك المشروع وتبقى كافة العوائد المتحققة ،وتدفع للشركة الأجنبية رسوم تدفع بالنفط تحتسب كنسبة من رأس المال المستثمر. يكون عائد الشركة الأجنبية في المعدل 15 -24%.
نخلص من كل ذلك إلى
· إن القرارات المتعلقة بشكل الاستثمار النفطي والعقود المبرمة من الأهمية بمكان بحيث أن تكون معلنة على الشعب، وعلى القطاع النفطي والمنظمات الدولية. كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار الجوانب السياسية والاقتصادية والبيئية عند مناقشة التنمية النفطية.
· إن ملكية الدولة للاحتياطيات النفطية لا يعني بالضرورة ملكية الدولة لجميع العوائد من النفط أو السيطرة التامة على عملية التطوير. إن الحد الفاصل المهم هو بين خصخصة الاحتياطيات النفطية وبين سيطرة القطاع الخاص على الصناعة التي تستخرج ذلك.
· تتسق مصالح الشركات النفطية العالمية مع المصالح الوطنية لدولها. فالحكومات تبحث عن ضمان عرض كاف من النفط لتلقيم اقتصادياتها. أما الشركات النفطية العملاقة تحتاج السيطرة على الاحتياطيات النفطية من أجل أرباحها المستقبلية وزيادة عوائد حملة الأسهم.
· هناك تنسيق عال بين الاحتلال وتابعيه والشركات النفطية العالمية حول العمل على تمريرآلية تعاقدية تتيح للشركات النفطية السيطرة على الاحتياطيات النفطية من أجل ضمان التدفق النفطي لدولها والإرباح المستقبلية العالية لها.
· في ضوء التجارب العالمية السابقة،تغتنم الشركات النفطية الأجنبية وحكوماتها الفرص السياسية ،كضعف الحكومة أو انتشار الفساد السياسي والإداري والمالي لتمرير عقود مجحفة كما حدث في جورجيا عام 2000 (أنبوب باكو- تبليسي- سيهان). إن الاحتلال يمثل فرصة ذهبية لسلب السيادة الاقتصادية المتمثلة بالموارد النفطية.
· إن توقيع العقود النفطية تحت الضغوط السياسية وتمريرها بسرعة تحت غطاء من التستر يوقع البلد بنتائج سلبية يصعب الخروج منها.فالوقوع بالخطأ أو عدم الوضوح قد يكبل الاقتصاد العراقي لأربعين سنة قادمة.
· من الأفضل أن يبدأ العراق بتطوير مشاريع صغيرة قبل عرض الحقول النفطية الكبيرة للاستثمار والتطوير.وفي حالة العكس فإن العراق في ظل الاحتلال وانعدام الأمن والفوضى الاقتصادية وحاجة الحكومة للعوائد، سوف يجني عقودا ليست في صالحه.
· لم يكن "الأمن" المشكلة الرئيسية الأولى للشركات النفطية الأمريكية، وإنما خوف تلك الشركات من أن العقود التي سوف تحصل عليها من الحكومة القائمة لن تكتسب الشرعية الدولية والأهلية اللازمة إذا ما أعترض عليها وعرضت على المحاكم الدولية من قبل حكومة وطنية منتخبة وفق المعايير المنصوص عليها في القانون الدولي وما جاء في قوانين وبروتوكولات تابعة ذات علاقة.
إن التدهور الأمني الحاصل في عموم العراق، وضرورة الحفاظ على المناطق النفطية ذات القيمة المضافة، وزيادة الإنتاج والتصدير لما له من فائدة مباشرة للشعب العراقي والمجتمع الدولي،قد يجعل طلب قوات دولية لـتامين الحفاظ على الموارد النفطية أمر ضروري جدا يجب السعي باتجاهه من قبل كافة القوى الوطنية المناهضة للاحتلال