لاجئات عراقيات يبعن أجسادهن بسوريا ومعظم زبائنهن خليجيون
أصبح واقع قيام بعض اللاجئات العراقيات في سوريا ببيع أجسادهن لقاء لقمة العيش أمر يصعب تجاهله بالنسبة لسكان دمشق وضواحيها، وأجبر انتشار الظاهرة مسؤولي مكتب الأمم المتحدة للاجئين بسوريا على فتح هذا الملف الشائك مع الحكومة السورية، بحسب ما أفاد تقرير صحفي نشرته واحدة من كبريات الصحف الأمريكية.ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الثلاثاء 29-5-2007 تقريرا مطولا عن هذه الظاهرة، ساردة قصة هرب "أم هبة"مع ابنتها ذات الستة عشر عاما من جحيم الاقتتال الداخلي والفوضى في العراق، إلى سوريا. ونقل التقرير عن الأم العراقية قولها "لقد فقدنا كل شيء أثناء الحرب..حتى شرفنا".
"أم هبة" هربت من العراق إلى سوريا في الربيع الماضي وتحت ضغط الحاجة وندرة فرص العمل في بلد يعاني من نسب بطالة مرتفعة بالإضافة لتدهور الحالة الصحية لوالد "أم هبة" الذي يعاني من السكر، اضطرت المرأة العراقية للعمل بنصيحة نساء عراقيات سبقنها إلى سوريا فأخذت ابنتها لتعمل في أحد الملاهي الليلية المشهورة في ضواحي العاصمة السورية دمشق.وبالنسبة لأولئك الذين يعيشون في العاصمة السورية دمشق، فإن واقعة أن بعض العراقيات يبعن أجسادهن أو يعملن في الملاهي الليلية بات أمرا يصعب تجاهله. وكانت الحكومة السورية تعد الحديث عن انتشار الدعارة وسط العراقيات في البلاد أمر مرفوضا. ولكن دايترون غونتر، مسؤولة في مكتب الأمم المتحدة للاجئين بدمشق، قالت إن السلطات كسرت مؤخرا حاجز الصمت. وأضافت إن "ما يقلقنا أنه ثمة فتيات صغيرات في السن متورطات في الأمر ويتم إجبارهن على ممارسة الدعارة." ومضت تقول "أجرينا مؤخرا حديثا عن الدعارة مع الحكومة السورية"، معتبرة أن انفتاحها الحديث تجاه هذا الموضوع يعد "خطوة كبيرة".
وحسب الصحيفة الأمريكية فإن ظاهرة بيع الأجساد ليست مقصورة بين العراقيات على الملاهي والكازينوهات، فحتى في وسط دمشق يتحدث الرجال عن قوادين يعرضون عليهم خدماتهم أمام محلات العصير ومطاعم الشاورما وكذلك عن نساء عراقيات تتقدمن إليهم وعرضن عليهم "تناول الشاي معا" بلكنة عراقية واضحة، بحسب الصحيفة.ونهارا، يعج الطريق المؤدي إلى ضاحية صيدنايا التي تضم أحد الأديرة التاريخية، بالزوار مسيحيين ومسلمين للتبرك بصورة لمريم العذراء موجودة بالدير، ولكن "المرابع" الموجود بالضاحية باتت مشهورة بالتجارة الرائجة لدعارة العراقيات، بحسب الصحيفة.ولا يختلف حال معظمهن عن حال هبة، فمعظمهن لجأن لسوريا مؤخرا والكثير منهن لا زلن مراهقات، ورغم أن البعض منهن يتعرضن للخداع أو الإجبار على بيع أجسادهن، إلا أن كثيرا ممن شملهن التقرير قلن إنهن يلجأن لذلك الطريق لعدم وجود بديل آخر لتوفير نفقات الحياة لأسرهن.وفي معظم الحالات يكون عمل الفتاة أو المرأة بعلم أسرتها، وطبقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة العام الماضي،بحسب الصحيفة، "في حالات كثيرة، يتولى رب الأسرة بنفسه الاتفاق مع الزبائن واصطحابهم للمنزل."وقالت الراهبة ماري كلود نداف التي تعمل في دير "الراعي الصالح" في دمشق للصحيفة الأمريكية "كثير من العراقيات اللاتي يصلن سوريا يعشن بمفردهن أو مع أطفالهن لأن رب الأسرة إما قتل أو اختطف بالعراق." وأضافت أن الدير قام بعمل بحث ميداني عن اللاجئين العراقيين المقيمين بمساكن برزة في أحد ضواحي دمشق.وأضافت الراهبة "اكتشفنا وجود 119 أسرة تتولى أمرها امرأة في حي واحد صغير وبعضهن يخرجن بحثا عن عمل لأول مرة في حياتها ولا يجدن سوى بيع أجسادهن لتوفير لقمة العيش. أنا قابلت ثلاث زوجات فقدن أزواجهن الذين كانوا ثلاثة إخوة. ثلاثتهن يعملن بالدعارة ويتناوبن الخروج للعمل ثم يقتسمن النقود لإطعام أولادهن."وحسبما يقول مراسل النيويورك تايمز فأمام الملهى الليلي بالمرابع حيث تعمل هبة، كان أكثر من نصف السيارات المتوقفة تحمل لوحات خليجية. أما عن متوسط المبلغ الذي تتقاضاه الفتاة أو المرأة العراقية فيتراوح بين 50 و70 دولارا لليلة الواحدة، بحسب التقرير.وقد شجعت الدعارة الرخيصة وسط العراقيات، على تزايد السائحين الباحثين عن المتعة الجنسية من بلدان الشرق الأوسط الأكثر غنى وخصوصا الدول الخليجية.ورغم وجود نساء من جنسيات أخرى يعملن في كازينوهات دمشق وخصوصا روسيات ومغربيات، إلا أن النزوح الضخم للعراقيات قد تسبب في تراجع أعداد بائعات الهوى من الجنسيات الأخرى. وتقول عبير وهي فتاة عراقية أخرى تعمل بنفس الملهى مع هبة "أصبح اليوم أكثر من 80% من العاملات الآن عراقيات."وطبقا لتقارير الأمم المتحدة، يوجد بسوريا الآن نحو 1.2 مليون لاجئ عراقي ولكن الحكومة السورية تقول إن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير