Democracy

Democracy

Tuesday, July 3, 2007

الى دمعة لاجئ عراقي .. والى سارة يوسف

كتابات - نرمين المفتي
ظهر اللاجئ العراقي علاء عبد الستار عبد الجبار في برنامج وثائقي عن اللاجئين العراقيين في سوريا. كان جالسا بقرب ابنه الصبي الذي اصيب بتشوهات كبيرة في وجهه و جسمه بسبب حريق. الصبي لم يتكلم، و بدا الأب في بداية حديثه متألما يشرح حالة ابنه الذي حرمته التشوهات من الحياة السوية، لا مدرسة و لا لعب مع الصغار الذين يخافونه بسبب تشوهاته. و لأنه لم يجد اذنا تسمعه في عراق (التحرير) و لم يجد علاجا له في العراق الذي يبحث بدوره عن علاج اضطر للجوء الى سوريا عله يجد منظمة تعالج ابنه او دولة تقبله مع اسرته لاجئا.
بدا علاء هادئا و هو يشرح معاناته مع ابنه و اقتراب الكاميرا من وجه الأبن، أظهر قسمات بلا تعابير، التهمت النار جلده و لم تبق مساحة كافية للتعابير لكن حزنا عميقا اخترق الكاميرا من عينين بالكاد تركتهما النار، و عادت الكاميرا الى وجه علاء و الدموع تحاول تغييب قسمات وسيمة و قال "دافعت عن العراق لسنوات و جرحت لمرات و ما تزال اثار الجروح في كل مكان من جسمي و لكن" و لم تدعني دموعه ان اسمع بقية حديثه او شكواه.
سارة،
تابعت اللاجئين العراقيين، لكل دمعته و قصته و عتاب على بلد يرفض ابنائه الذين يقفون في طوابير امام سفارات الدول الغربية و مفوضية الأمم المتحدة علهم يجدون يدا تمسح دمعتهم بالرغم من يقينهم بأن اليد الغربية و يد الأمم المتحدة لم تمنعا بوش من غزو العراق و تدميره.
ليست ابنتك وحدها كبرت قبل اوانها، بل يولد اطفال العراق و هم متشبعين بالهم و اذكر بأن جامعات امريكية (قديرة) قررت بعد حرب 1991 اجراء ايحاث ميدانية على اطفال امريكا مخافة اصابتهم بأمراض نفسية لمشاهدتهم مشاهد قصف العراق في التلفزيون و لم يفكر العالم كله بأطفال العراق الذينعاشوا و يعيشون الحرب كل لحظة و يلسمون الموت فيها و لم يفكر العالم بالعراقي الذي جردته الحروب و الحصار الذي تخللها من شعوره الانساني و اصبح يعيش الموت الذي يحاصره، الموت في التلفزيون و في الشارع و في الأحاديث و الكتابات و الشعر، الموت اول ما يخطر ببال اي عراقي حين يرن هاتفه، يوما ما ستعاتبك ابنتك لآنك انجبتبها، كما اتوقع ان يفعل ابني الذي ولد في حرب و اصبح تلميذا في الابتدائية في حرب اخرى و صبيا في الحصار و جامعيا في حرب اخرى و خريجا تحت الاحتلال و الموت المجنون اليومي. سألني يوما عن سبب معاناة العراقيين و اجبته بأنه اختبار من الله سبحانه، و بسخرية علق "ماما ليش دا نبقى دور ثاني بالامتحان دائما و يستمر الاختبار" و قلت " مدا نرسب بس كلما تخلص مرحلة دراسية ندخل مرحلة اختباراتها تكون اصعب" و قبل ان اكمل كلامي كان قد قرر انهاء المناقشة و علق " ما اريد اخذ دكتوراه بالصبر"!
لا ادري ان كان العراق ام نحن العراقيون وضعنا احدنا الآخر في "ديوان المحنة". كان الخليفة المأمون يقضي على معارضيه من خلال "ديوان المحنة" الذي ابتكره، و على مدى تاريخه الحديث دخل العراقيون في ديوان المحنة و لم يخرجوا منه.
سارة
نتقابل و نتتحدث لساعات و لكن دائما نتحاشى حديث الموت، ربما لأننا اصبحنا لا نلتقي كثيرا كما كنا نفعل قبل الاحتلال و هروب العراق. كم كنت اكرهك احيانا، هل قلت لك بأني كرهتك يوما؟ ها أنا اقولها الآن، كنت اكرهك و انت لا يحلو لك دق باب شقتي الا حين احاول الهروب من نفسي الى النوم. كأنك كنت تشعرين احباطي في ذلك اليوم و تأتين لأعيش ذلك الاحباط بتفاصيله. اليوم اقسم لو تأتين في اية لحظة لن اكرهك، انما سأحبك اكثر لتحديك العوارض الكونكيريتية و اسوار المناطق و الاسلاك الشائكة و الخوف الدائم لتصلي الى باب شقتي و اعلمك بأني اصبحت لا أنام كثيرا لأنني افتقد الأحلام.
اسير في شوارع بغداد التي لم تعد بغداد.. دمار في كل مكان و نفايات و اسلاك شائكة تصطاد (اكياس النايلون) متحولة الى عمل فني بدائي و قاس بعبثيته. احاول ان ابتسم في وجه صبي غادر اللعب و الطفولة و يقف تحت الشمس الحارقة يبيع البنزين و كلما يقف سائق يركض نحوه حاملا (الجليكان ابو العشرين لتر)، يركض متعرجا لثقل حمولته و يطلب السائق عشرة لترات فقط و لا على الصبي سوى ان يخرج انبوب بلاستيكي ماصا طرفه ليصب العشرة لترات، كم لتر بنزين يشرف في الشهر؟ لا اعلم. سألت احمد، الصبي الذي نجح الى السادس الابتدائي و يبيع البنزين في طرف رصيف ما في بغداد ان كان البنزين يذهب الى جوفه و هو يحاول سحبه؟ و كان جوابه بالايجاب و قال بأن اول رشفة بنزين قبل عامين حرقت شفته و لثته لكنه تعود عليه الآن و علق شقيقه الأكبر بسخرية " خالة اكو ناس تدمن حبوب و تكبسل و احنا صرنا مدمني بنزين"! و ضحك بصوت عال وطلب من احمد ان يكمل عمله بسحب البنزين, و بلمح البصر بدأ رتل امريكي يمر في الشارع المقابل و بسرعة اختبأ احمد مع (جليكان البنزين) خلف السيارة. خجلا من تصرفه قال "خالة اذا شافوا الجليكانات يجون و يرشون البنزين بالشارع).. و لحقه شقيقه الأكبر " والله عيب عليك اطلع و كمل شغلك ولوا".. و استوقفتني كلمتا (يرشون) و ( ولوا).. ربما لا يعرف احمد ان كلمة (يرشون) تكون احلى مع ماء الورد و العطر و هذا امر لا يحسنه المحتلون، لكن شقيقه استخدم (ولوا) بمكانه تماما متمنيا ان (يولون على طول). احاول ان ابتسم و اتخيل بأنني ابتسمت و يفاجأني حزن وجهي و غضب قسماته في مرآة السيارة الأمامية. جميعا نسينا كيف تكون الابتسامة و اتذكر بأننا قد نكون الشعب الوحيد على الأرض الذي كان كلما ضحك استدرك ( اللهم اجعله خير). لا يوجد شعب يخاف ذاكرته الجمعية الضحك سوى العراقيين.. هل نحن اسوياء؟ يا له من سؤال! و هل هناك سوي يتحمل كل هذا الوجع؟
سارة، صديقتي التي احب
علاء العراقي اللاجئ الذي اختصر كل العراق بدمعة و سؤال
هل تذكران دفاتر المذكرات التي كنا نتبادلها و نحن صغار؟
لا أدري لماذا كان ذلك المثل الغبي يتردد دائما بذاكرة الطفولة ( اجمل ابتسامة تلك التي تشق طريقها وسط الدموع)؟ من كان يحاول تهيأتنا للوجع؟ و من حق الابتسامة الآن ان تضل طريقها لكثرة الدموع و الحواجز. و هل تذكران تلك (الحكمة) الساذجة و التي تكررت في كل صفحات دفاتر مذكراتنا (الذكرى ناقوس يدق في وادي النسيان).. مرة اخرى من كان يكرر مجاولات استعدادنا للفقدانات القادمة؟
انا تركت مراسلة اصدقائي و صديقاتي الذين غادروا العراق، لا أملك ان احدثهم سوى ان الألم الذي يتجول في الشوارع و الذي يشاهدونه قطعا في الأخبار بعد ان اصبح اصطياد صورة جثة عراقية و بقعة دم عراقية مهنة الكاميرات العربية و الأجنبية، و لا اريد ان ابادلهم حديث الذكريات. لقد سقطنا جميعا في وادي النسيان و نسينا ان نهيأ العالم لوادينا هذا و ان نكتب له على ورق وردي في دفتر مذكرات طفولته " ايها العالم القاسي الذكرى ناقوس يدق في وادي النسيان"، ترى من يتذكرنا؟



دعوة
لتفعيل حملة وطنية تدعم رؤية المرأة العراقية في المشروع التحرري




في خضم خمسة اعوام من الاحتلال الذي انتهك تفاصيل الحياة اليومية للفرد العراقي من جهة، والمجتمع العراقي من جهة اشمل، سعياً الى تصحير العراق من نواته الحية، وتحويله الى مجرد آبار نفط في صحراء لا يسكنها انسان، سوى موظفي الشركات الاحتكارية.
وفي خضم حيوية الصراع بين المشروع التحرري العراقي المقاوم للهيمنة والاستغلال والساعي للانعتاق بالبعدين الفلسفي والاخلاقي فإننا نحن النساء العراقيات، المنتميات الى المشروع التحرري بأبعاده الوطنية والقومية والانسانية والحضارية، نعلن أننا ندرك أبعاد مشروعنا الانعتاقي ومواقع اقدامنا فيه، كما ندرك كيف نصوغ معادلة الانعتاق على قاعدة: لا ذكر لا انثى، لا سيد لا عبد، لا غني و لا فقير.....
بمعنى ان لا مالك و لا مملوك بل انسان حر، بغض النظر عن الجنس او العرق او المذهب او الهوية الضيقة....
وبمعنى تفصيلي، فإننا نحن النساء العراقيات نصوغ مشروعنا على قاعدة الانسان الحر الصانع للعدالة عقداً اجتماعياً، والمنتج للفكر التحرري على قاعدة الانسان في توجهه التاريخي.... المستقبلي.
وعليه ...فإن المطبات التي يصنعها لنا العدو المناهض للحرية والتقدم، مهما استغل من وسائل قد تبدو فيها ان صورة المرأة العراقية هي صورة سلبية، هي مطبات لا تمثل إلا اطراف اللعبة، أما ماتصبو اليه العراقية الحرة، فهو مشروعها التحرري نحو الانعتاق الكلي على قاعدة الانسان والتاريخ.
وعليه ايضاً.... ندعو جميع قوى التنوير والقوى المقاومة للاحتلال، والنخب الفكرية والوطنية في المشروع التحرري الى دعم حملة المرأة الوطنية في ترسيخ رؤاها في المشروع الوطني القومي الانساني التحرري.



هيأة أرادة المرأة
بغداد العراق
تشرين الثاني 2007